بعد إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في تشرين الثاني الماضي عن استقالته من حكومة بنيامين نتانياهو، تزعزع موقع حزب "الليكود" في الكنيست الاسرائيلي، الامر الذي أدخل نتانياهو في فشل تلو آخر، على صعيد الكنيست الذي أصبح مهددا بالسقوط، على صعيد الحكومة، وعلى الصعيد الشخصي حيث تلاحقه تهم الفساد كما تلاحق الذبابة قطعة الحلوى. كل هذه الأمور دفعت رئيس الحكومة الاسرائيلي الى إعلان إجراء انتخابات مبكرة اليوم، أي قبل سبعة أشهر من موعدها المفترض.
48 قائمة سياسيّة تتنافس لتحديد صورة الكنيست المقبل المكوّن من 120 نائب، في انتخابات قد لا يكون للشعب الاسرائيلي الرأي الاول والأخير فيها هذه المرة، لان نتانياهو اعتمد سياسة التدويل للتمسّك بالمنصب، "فعرض نفسه" على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بعد أن فشل في تثبيت نفسه داخليًّا من خلال ضربة عسكرية لحزب الله.
لا شك ان ما يجري في البلد "العدو" على حدود لبنان يؤثر علينا بشكل كبير، لذلك هناك في فريق 8 آذار من يتابع الانتخابات الاسرائيليّة عن كثب، ويشير الى أن المنافسة ستكون شرسة بين فريقين، حزب الليكود برئاسة بنيامين نتانياهو، وحزب "كاحول لفان" برئاسة الجنرال بيني غانتس. يشير مصدر قيادي في 8 آذار الى أنّ المنافس الأوّل اعتمد على الدعم الخارجي، الأميركي–الروسي، وهو استطاع في الأسابيع الماضية من رفع أسهمه بشكل ملحوظ بعد أن كانت تدّنت حظوظه بسبب تهم الفساد، والثاني على الداخل.
يركّز غانتس في حملته الانتخابية على هموم الشارع الاسرائيلي، وتحديدا فيما يتعلق بمحاربة "الفقر" و"البطالة"، محاولا استخدام الاحصاءات الأخيرة التي تُظهر أن ربع الشعب الاسرائيلي بات تحت خطّ الفقر، بالاضافة الى تركيزه على الفشل الأمني لنتانياهو، ولكن في كل انتخابات اسرائيليّة يركز الناخب على ملفّات الأمن، وهذا ما كان يحاول رئيس الحكومة الاسرائيليّة طرق بابه من خلال الاعتداء على غزة، ورسم خطة الاعتداء على لبنان على مدى ثلاثة أيام، كان يفترض أن تكون الأسبوع الماضي.
علم نتانياهو أن تورّطه بتهم فساد ستجعله بحاجة الى حبال خلاص متينة تُعيد له بعضا من نفوذه، لذلك كان الحلّ بحسب المصادر التوجّه نحو الامور الاساسيّة الخارجيّة، أيّ خطر حزب الله أولا، من خلال فتح ملفّ الأنفاق وتصوير الامر على أنه انتصار كبير، وخطر حركة حماس وصواريخها ثانيا، من خلال العمليّة العسكريّة على غزّة، ومن ثم التوجّه نحو الأميركي والروسي، فاستطاع كسب الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لاسرائيل، وسيادتها على الجولان، والحصول على رفات الجندي الاسرائيلي الرقيب أول زكريا باومل من روسيا، مع العلم أن هذه "الإنجازات" لنتانياهو سيكون لها الثمن الباهظ، وتحديدا تلك التي وصلت من روسيا، حيث أصبح بوتين ممسكا "برقبة" رئيس الحكومة الاسرائيلي.
إن ما فعله نتانياهو مؤخرا رفع نسب حظوظه، ولكن هذا لا يعني ان المنافسة لن تكون قاسية بين الفريقين، أما بما يهم لبنان، فبحسب المصادر يجب القول أولا أن النتائج مهما اختلفت فإنها لن تحمل الى رئاسة الحكومة الاسرائيلية الا عدوا للبنان، ولكن لكل عدوّ تفكيره الخاص. وتضيف: "غانتس يصوّر حزب الله كأخطر منظمة إرهابيّة عالميّة، ويعتبر أنّ اعتماد سياسة الهدنة معه لا تنفع، وبالتالي قد يكون وصول غانتس الى الحكم في اسرائيل الدليل على اقتراب معركة عسكريّة مع لبنان، وهذا ما يحاول فعله كل زعيم جديد في اسرائيل".
اما بحال استمرار نتانياهو بموقعه فإن الأمور بحسب المصادر القياديّة في فريق 8 آذار لن تختلف كثيرا عما هي عليه لناحية اعتماد سياسة "الترهيب" تجاه لبنان، واستمرار الضربات العسكريّة الخفيفة ضد وجود المقاومة في سوريا، مشددة على أن حزب الله غير معنيّ بنتائج الانتخابات الإسرائيليّة، وما يعنيه هو البقاء على جهوزيّة تامة لمواجهة أي تهوّر اسرائيلي، تماما كما كان عليه إبان زيارة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى لبنان.
وفي التفاصيل فإن بومبيو حمل تلميحا تقاطع مع معطيات دولية قُدّمت الى مسؤولين لبنانيين، بأنّ اسرائيل تنوي ضرب الحزب في لبنان بداية نيسان الجاري، ضربة تعتمد التدمير الشامل على مدى ثلاثة أيام فقط، ولذلك أوصلت قيادة الحزب ردّها على الرسالة بأن توقيت فتح المعركة في يد الإسرائيلي اما توقيت إنهائها فلن يكون بيده، وما تظنه اسرائيل دعاية انتخابية لرئيس حكومتها، قد ينقلب عليها دمارا لن يكون حزب الله الوحيد لاعبا أساسيا فيه.
"لم يكن الاعتداء الاسرائيلي على لبنان مزحة، بل خطة جدية ألغيت لعدم دقّة التقديرات الاسرائيليّة بحجم الرد المتوقع ومكانه وزمانه"، تقول المصادر، مشيرة الى أن الانتخابات في اسرائيل بالشكل العام ستؤثر على لبنان، وقد تقدّم صورة اوضح عن تاريخ المعركة المقبلة.